سورة الحج - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


قوله جلّ ذكره: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ}.
تعظيم الحرمات بتعظيم أمره؛ وتعظيمُ أمرِهِ بِتَرْكِ مخالفته.
ويقال من طلب الرضا بغير رضى الله لم يبارك له فيما آثره ومن هواه على رضى مولاه، ولا محالةَ سيلقى سريعاً غِبَّه.
ويقال تعظيم حرماته بالغيرة على إيمانه وما فَجَرَ صاحبُ حُرْمَةٍ قط.
ويقال ترك الخدمة يوجب العقوبة، وترك الحرمة يوجِبُ الفُرْقة.
ويقال كلُّ شيءٍ من المخالفات فللعفو فيه مساغ وللأمل إِليه طريق، وتَرْكُ الحرمة على خَطَر ألا يُغْفَر وذلك بأن يؤدي ثبوتُه بصاحبه إلى أَنْ يختَلَّ دِينُه وتوحيدُه.
قوله جلّ ذكره: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}.
فالخنزير من جملة المحرمات كذلك النطيحة والموقوذة، وما يجيء تفصيله في نَصَّ الشرع.
قوله جلّ ذكره: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}.
{من} ههاهنا للجِنس لا للتبغيض، وهوى كلِّ من اتبعه معبودُه، وصنمُ كلِّ أحدٍ نَفْسُه.
قوله جلّ ذكره: {واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}: ومن جملة ذلك قول اللسان بما لا يساعده قولُ القلب ونطقه، ومَنْ عاهد اللَّهَ بقلبه ثم لا يفي بذلك فهو من جملة قول الزور.


الحنيف المائلُ إلى الحق عن الباطل في القلبِ والنَّفْسِ، في الجهر وفي السِّرِّ، في الأفعال وفي الأحوال وفي الأقوال.
{غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}: الشِّركُ جَلِيٌّ وخَفِيٌ.
قوله: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا...} كيف لا وهو يهوي في جهنم وتتجاذبه ملائكة العذاب؟ أو تهوى به الريح من مكان سحيق.... وكذلك غداً في صفة قوم يقول الله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67].


يقف المؤمنُ على تعيين شعائر الله وتفصيلها بشهادة العلم جهراً، وبخواطر الإلهام سِرَّاً. وكما لا تجوز مخالفةُ شهادة الشرع لا تجوز مخالفة شهادة خواطر الحق فإِنّ خاطر الحقِّ لا يكذِبُ، عزيزٌ مَنْ له عليه وقوف. وكما أَنّ النَّفْسَ لا تصدق فالقلب لا يكذب، وإذا خولف القلبُ عَمِيَ في المستقبل، وانقطعت عنه تعريفاتُ الحقيقة، والعبارة والشرح يتقاصران عن ذكر هذا التعيين والتفسير. ويقوي القلبُ بتحقيق المنازلة؛ فإذا خرست النفوسُ، وزالت هواجسها، فالقلوب تنِطق بما تُكاشَفُ به من الأمور.
ومنَ الفَرْقِ بين ما يكون طريقه العلم وما طريقه من الحق أن الذي طريقه العلم يعلم صاحبُه أولاً ثم يعمل مختاراً، وما كان من الحق يجري ويحصل ثم بعده يعلم مَنْ جرى عليه ذلك معناه، ولا يكون الذي يجْرِي عليه ما يُجْرَى مضطراً إلى ما يُجْرَى. وليس يمكن أن يقال إنه ليس له اختيار، بل يكون مختاراً ولكنَّ سببَه عليه مشكلٌ، والعجب من هذا أن العبارة عنه كالبعيد.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12